الخميس، 26 ديسمبر 2013

وتبقى أنت أيامي


أيام قليلة وينقضي عمر هذه السنة مخلّفة وراءها ذكريات جميلة وأخرى حزينة ... رسمها أصحابها بقلوبهم وبأفعالهم ... منهم من رحل ومنهم من ازداد حضورهم في القلب ... سنة كفيلة بأن تراجع هزائمك وبعض انتصاراتك ... وكأنك تقوم بغربلة لكلّ ما مررت به ليختزل أخيرا في ذاكرتك العميقة منه سترجع اليه كالحضن الدافئ ومنه من ستتناساه في بئرك المظلمة وتغلق عليه الباب بحيث لا رجوع ربما ستلوم هذه السنة حين يواريها الزمن إلى مثواها الاخير لأنّها لم تعطك شيئا ... لم تصدقك الفعل والوعود ، أوربما ستلوم نفسك لان هذه السنة هي من صنع يديك ونتاج أفكارك وأحلامك سنة تدفنها سنة جديدة ، ويوم يلده يوم ، ولحظات تولد من العثرات ... ولا ندري إن كان القادم أجمل أو أسوأ لذلك ما على القلب المفعم بك سوى الامل في غد مشرق .... لازلت حتى الآن اتذكّر صيف تلك السنة الجميلة التي جمعتني بك رائحتها لا تزال عبقة الذكرى ... سلسة المعنى .. ككتاب أقراه كلّ ليلة ولا ينتهي فصله الاخير معي .... ما اجمل اليوم الذي صرت فيه حقيقة بعد أن كنت مجرد صورة تختزلها أشواقي ..... فوداعا أيتها السنة سأستعد لاستقبال الأخرى بوجودك الدائم معي ولا مساحة لذكر الأحزان أو المواقف الفاشلة التي مررت بها فيك لأني أملك قلبا بجانبي ينسيني كلّ الهموم فكل سنة وأنت أنا
خديجة ادريس

السبت، 21 ديسمبر 2013

بحجم المسافات .... أنت عيدي



ستنتهي السنة كما انتهت سابقتها...وكما ستنتهي هذه التي لم تبدأ بعد .... لكن المهم أن حبك في قلبي لا أيام له ولا ساعات تنقضي فهو ينبض بداخلي العمر ما امتد فيه روح وابتسمت بداخله أشواقي ... ولاشيء يتجدّد غير مشاعري نحوك ....فتزيد قامتها وترتفع أكثر فتصبح شاهقة جدا ...بحجم السّماء وبحجم المسافات التي تمنعني من الوصول اليك ....
كلّ عام تصبح أنا أكثر .. أقرب أكثر .. وجودك أعمق من فم القدر ، وأيامي التي تصنعها ابتسامتك كأنها عصفور يصنع لأنثاه عشّا ليقيها مطر البعد وعواصف الوحشة ....
كلّ عام وأنت أنا شهي أكثر في حضورك وغيابك .... وعلى موائد العصيان تنسج لي بيتا من صوف وتحيطني بعظامك ومعطفك الأسود ... 
أيّتها الدقائق التي لم تأت بعد وقّعي عشقي على صدره وارحلي بعيدا واتركيني أكمل تفاصيله التي لم تولد بعد كل سنة وأنت أنا وكلّ عام وأنا أنت ...روحان في كومة  ، وشفتان تسرقان من الحياة أنفاسها ،فيتقاسمانها في ليلة زفّت إليهما نفسها ...
 خديجة ادريس

وأبقى محشوّة بك بين إنتظار وانتظار



محشوة هي السّماء بروح الأمس ... وما الأمس غير كأس تتدفّق منها أنفاسك يطالني رذاذها البارد في ليلة حاّرة بالشوق ورطبة بالذكريات فأهيم بوعيي الكامل في عمق اللّذة والسّرور وكأن الأمكنة المحيطة بي متأنّثة ، متأنّقة في انتظارك فتهيم أفكاري فيك وكأنّ المكان معدّ للنسيان تاركا خلفه الأحلام ... جالسة تلطم وجهها ...مليئ قلبها بالخدوش والصّراخ ، هزيلة في نظرتها تسمع صوت انكسار ها من بعيد وكأن زجاج اللهفة قد دهسته الدّقائق الثقيلة في مشيها وكأنّ شعورا ما داخلني ساعة أدركتني رحمة الانتظار وكأنّ وجودك يتشبّع من وجودي ، مرتبط بحبلي السريّ فتتغذّى من أنفاسي ، من حدقة عيني أتشمّم هواك من بعيد وأنت في دمي تحدث لي ثقبا فإذا تحرّك خلته سحابا يضطرب بالوجع يهتزّ كأنّما أصابته نوبة جنون ...وتعثّرت الكآبة في غير استحياء بي وجثمت على صدري وكأنّي مبتلّة بالوساوس ... تقتات منّي عصافير القلق حتّى قبل أن تجيئ فيتحرّك شيء من الحياة بداخلي ممتطيا موجة شقيّة تعلو تارة وتهبط تارة أخرى فلا تستقيم على وجهة مقامرة بروحها تهتزّ وترفّ باحساسها متفتّحة كزهرة في وسط الماء تزفّ عروسا للمغامرة ...تدقّ أعصابه فتبدّد سحبه السّودا ء المتراكمة ثمّ تجمعه من جديد بحيث لا قوى له غيرها ، فتفرغه وتملؤه بها ، وتلقّنه بما أوحت لها اللّهفة بأسرارها حتّى يدرك الشّعور بالفقد والحاجة ...وكأنها مشاحنة طويلة بين الأمس وأنت ... بين الانتظار والانتظار حتّى تأوّهت قرحة الشّوق بقلبي تقاسي تفاصيل صبرها .... ومن شدّة السّهر نامت أذن لهفتها مستيقظة تتحسّس وقع تنهيداته على مساحة جسدها المشتاق
خديجة إدريس

الجمعة، 13 ديسمبر 2013

حلم ضيّق




انتفخت رئتاها الصّغيرتين بالحبر والقلم ... فطمعت أكثر في
انجاب كلمات له تليق باسمه الجديد' الذي' غرزته في فم المفاجآت ومضت .... كارثة هي حقّا في' صنع الكارثة وكأنّ غضبها متعلّق بفمها لا يلبث طويلا في' صبّ حماقاته علنا ... وكأنّها صارت ربّ الشعر والورق .... أيعقل أن تنتظر لحظة بلحظة الكتابة على صدر فراغها المعذّب ...معتقدة أنّه الغرق الموعود ... أو الحبّ المفقود الذي ينتظرها ببدلة سوداء شاهرا في وجهها باقة ورد وخاتم النّسيان في زمن كثرت فيه النّعال الضيّقة ..... فلا سبيل لك سيدتي'غير النجاة بطوقي أو الهلاك على صدري.... أما كنت في حلمي' البارحة مستيقظة ... تنهشين لحم الورد وتبتسمين وكأنّي صرت جرمك ... نخبا لدمك '... كفاك للتّهريج نافخة عابثة هشّة المطامع والمدامع في زحفها الصّامت وكأنّها دمية حمقاء فكّت أجزاؤها من كثرة اللّعب .... فلتبقي مكانك حيث تجلس نفسك .... فلا يوجد أجمل من مجالسة المرآة حين تصعب القمم

خديجة ادريس

متعبة ...




متعبة أعجن راحتي بالتّفكير بك .... ولا همّ لي غير نتوءات السّهر التي خلّفتها يوم ودّعتك بصمت ... أدركت وقتها كم أنا صغيرة جدا في ثوب طفلة  أتعبتها مراجيح الانتظار  .... فراغات بعدك اللّعينة صارت تكبر يوما عن يوم ولا يزال حضورك المشاكس بداخلي كما هو لم يتغيّر ... رّبما تغيّرت أنت أو القدر اتّخذ وجهة أخرى غيرنا  .... متعبة جدا وما عاد لي نفس لمزيد من الألم ... أخاف أن أفكّر فيك أكثر لتظهر صورتي التي لا أريد أن أراها فيك ....شبه صورة أكلها الانتظار ...ونصف وجع فقد شهيّته لمزيد من الذكريات .... أيعقل أن أحبّك بهذا القدر إلى درجة أن يخطفك حلمي بعيدا عنّي .... ليقضي دقائقه الوهميّة في اشتهائك و التّودّد إليك ... وأنا المعلولة بغيابك يعلكني الزّمن الذي مضى بطيئا ...... ليختلي بي على انفراد ويجهز عليّ لحظة يغلبني انهياري .. فأهذي باسمك على أمل أن تكتبني من جديد زهرتك الوحيدة التي غمرها الثّلج في موسم النّسيان المباغت ..... أحيانا أستسلم مرغمة وكأنّ عزيمة الحبّ عندي قد هرمت .... فتشدّ الأحزان رحالها لتحطّ من غير دليل على صحراء وجداني الضائع بك ... كتبتك حتّى أنهيتك .. استبقيتك لألغيك بي ... كي أبعثك من أنفاسي كلّما أوشكت على الموت .... ما عدت أستطيع الاختناق ، ما عاد للجرح مكان ولا وقت لطهي الأمنيات على مواقد الانتظار .... ما عدت أستطيع الكتابة أكثر عن أيّ شيء إلاّ عنك وكأنّك أنا ... تتسلّل بين أصابعي كجنيّ يحمل عصا النّسيان ليربك ذاكرتي لحظة أكتب عنك .... ها قد صرت تراودني عن أفكاري ،عن أنفاسي .... حتّى صرت مجنونتك ..... أستنشق عنادك ... عنفوان الحياة الذي تحمله بين يديك ... فامنحني بعضا من بركاته حتّى أستمرّ في إدمانك ..... عصيّة الرّغبة أنا ... متمرّدة ... موجعة ... مربكة فمتى  يعتدل مزاج الحبّ عندي وتختفي سحب الفراغ من قلبي .... لاتفرّغ لكتابتك لأكون معك 
           خديجة ادريس

وحجزت لروحي مكانا في قلبك



 
تتحوّل أفكارك إلى رماد باهت حين يمتطيك بعض من الحزن ، وكثير من القلق كإبل جموح يرفض أن يروّض ، وتظلّ الألفاظ بداخلك كوقود نار لم يشتعل بعد . فقط دماؤك العاجزة تعبث بك فتصبح من حيث لا تدري نهبا لرياح الحيرة ... مجروحة المعاني أستقلّ عل عجل آخر ما تبقّى لي من كلمات ... أترجّى شهقة البوح العسرة في يوم أغمضت الشّمس فيه عينيها ، وتركتني وحيدة أنتظر غبارها ، أستميل فمها وكأنّي متسوّلة تمارس خيبتها برضى ...مابالي بل ما بال ذاكرتي محبوسة لا تعرف روحها من جسدها ولا عاطفتها من قلبها فيتسلّل إحساس غريب مباغت يشبه رعشة الموت يغسلك من الدّاخل فيكاد يئنّ بعضك من بعضك وكأنّ بك خيبتان تستقتلان بدم واحد .... وأنا لا أزال موجوعة بما تكسّرأحاول انهاء يوم مليئ بالقلق والصّداع ، يتقلّب الحزن كيفما يشاء ليمنحني قبلته الوحيدة ولا أعجب من منحه وعطائه في ليلة ينام فيها الهجر بدموعه ... فرائحة البعد خانقة جدا ، شعور ينسلّ من شعور ويبثّ فيه اختناقه .... ويحلّ النّسيان ضيفا ليمنح مباركته .... لذاكرة معطّلة أصابها العطب .. أحاول قدر المستطعاع اصلاح كلماتي المخرّبة واستعطاف الحياة من جديد لتمنحني مزيدا من الوقت لألملم قطع ذاكرتي التي شتّتها خريف البعد الطّويل ... توشّحت حزني الأنيق في بكائه لأستدرج الكلمات إلى مخدعي البارد ... وعلى مائدتي قاسمتها نخبا من دمي وجزء من فمي واستلقيت كما ترقد جثّت الموتى وواصلت اشتهاءك ......فالكتابة تحتاج إلى انتحار ... إلى مسكّنات ... أو عمليّة شدّ الوجه لتصبح مغرية أكثر ... مثيرة أكثر في مباغتاتها ومشاكساتها غير المتوقّعة ... ها أنا ذا سيّدي آتية إليك والحرف المبتلّ بالشّوق يترقرق في فمي وفي عينيّ صراخ يترجمه البعد ... وفي روحي المثقوبة شوكة حبّ تجلس بين عروقي ... تتحرّش بي من حيث لا أدري ... متقطّعة الأنفاس أدخّن الهواء على مضض .... وكأنّي أحاول الموت بك .... علّ روحي المسكونة بك تحجز لها مكانا في قلبك لتقيم فيه خديجة ادريس

الجمعة، 4 أكتوبر 2013

سيّدة السّمك الحائرة



ما ضرّها في تزاحم أحرفي تشكو ثرثرتها الأنيقة ... وتقلّب في لحظة غضب ملامحها فتعلق فجأة في شبّاك صيدها المثقوب ... ألست سيّدة السّمك الأولى التي لا حرفة لها غير الصّيد في المياه العكرة .. تمشي خلف روحها ساعية في خلاصها ، وكأنّها على موعد مع طعم جديد .... يرسّخ خساراتها السّابقة لتقتنع أنّ العبث مع الكبار له ثمن
... تهزّ دخيرتها المعتادة وتنفث في استحياء ما تبقّى فيها من دخّان ، وترمي شبكتها المكتئبة علّها تطرد النّحس الذي يلاحقها كمن يطارد ظلّه في ورقة .... ويمضي الوقت ثقيلا ... وترقص الشّمس فوق رأسها وهي على حالها تنتظر ... لا همّ لها غير الانتظار ... حتّى تهتزّ الشبكة وتطعمها من حليبها أملا مرجوا ... ما أوجع الرّغبة في تزاحمها ولا أنيس لها غير الرّفض كعود ثقاب أشعله الحقد فأحرق قلبه وانتهى ... هي هكذا نهايات بعض النّفوس المليئة بالحفر لا غنيمة لها غير مقتنيات قديمة رماها البحر لأناس مرّوا من هنا أو هناك ... وكأنّ قدرها كان ... في اصطياد مخلّفات بعض البشر .... فياليتها استوعبت الدٍّرس وألجمت فم النّحس .... وكما تقول في كلّ مرّة تصوّب فيها شبكتها ... "الحوت قادم " فعلا " النّعل قادم "

                              خديجة ادريس











السبت، 21 سبتمبر 2013

وصيفة من نوع آخر



من بدأ المأساة .... ينهيها 

3 _ ليتنا نقدّم الحياة ... لمن كان لنا الحياة . ونؤجّل مواعيدنا مع السّفر الأخير ... علّنا نشفي غليل أطياف مرّت بقربنا .. وهمست طويلا حتّى نزفت والتأمت ... كمن دسّ جرحه في التّراب وأجهش بالبكاء ... واقفا يذرّ رذاذه في الرّماد وكأنّه على موعد مع خيبة .. مع آلة تصنع الحزن وتمضغه ... تبعثه على شكل بريد قاتل ..خشبيّة العواطف في زحفها نحوه ، تمارس شغفها به مكدّسة الأحلام ، معلّبة الرّؤى ، ينتظرها الفراغ في هيئة فارس على حصان ورقي أحدب ... شرسة حدّ الجرح في كلماتها ، تمدّ للقتل يدا وتفتح للإنتقام أفواها تعلك الكذب ... فكيف تدسّ سمّها وتسلم للجحر نفسها ... فارّة منّي كهرّة مذعورة اختبأت خلف صوتها ... من شدّة الذّعر تهاب ذيلها ..... كم من وقت ستظلّ عواطفنا في النقطة المفرغة ، مكمّمة ... تملؤني الدّهشة حين يأتيني السّباب في ثوب المدح .. متعلّقا بأعناق الزّهر متعطّرا في شتمه يطالبني بالوصل .. وخلفه عين مليئة بالنّار تدسّ خناجرها ... كلماتها المفخّخة ألا تزال تتشذّق ببقايا أحرف يرضعها الهوان ببطء ، وكأنّها تنزف الحكمة في يوم غابت فيه الشّمس ... لتطفئ ألما مضى .. حرقة ما لا تزال مشتعلة في ركن من قلبها الموجوع بالزّمن.. يطاوعها الوهم حينا .. ويزكّيها الحلم وصيفة للفشل... في غياب المنصّة الشّرفيّة التي ستقف عليها عارية من نفسها ومليئة بالحقد .... 
                                 بقلم : خديجة ادريس

الجمعة، 20 سبتمبر 2013

************ موجوعة بـــــي جدّا *************





رسالة إلى طفلة تبدأ خيبتها بحرف الرّاء
ما أجمل التسوّل صغيرتي .... طالما كان المّانح هو ثمّ هو ثمّ هو 

موجوعة بي جدا .. تتحرّك بداخلها أنفاسي عنوة وكأنّها مصابة بلعنة اسمها النّسيان ... تكوّر أحرفها على عجل ،وتمضغ أصابعها مختلسة وكأنّ وباء ما قد أصابها ...فراحت تنسج تخاريفها على مقربة من مسامعي وكأنّها مطالبة بالنّباح المستميت حتّى ترمى لها عظمة تسدّ منافذ الجوع عندها ، أو تحظى ببعض الاهتمام ... فاطلبي الرّحمة ... ولا تنتظري أحدا علّ صندوق أمنياتك المثقوب يشبع في ليلة اختلطت فيها الرّؤوس بالأقدام ، والنّعال بالتّيجان أو لعلّك تفلحين في إطفاء جذوة النّدم المتوقّدة في أحشائك و تعالجين همّا ثقيلا يتراءى من فوقه شبح ماثل من أشباح الموتى ... مفجوعة وكأنّها ثكلت قبحها تستقطر الرّضى من سمّ الخياط حتّى بلغ بها الفقد مبلغه ... ودرج بها التسفّل قممه وحشرجت أنفاسها المريضة بي حتّى انشقّ بصرها ، ُتصعّد في خُيلاء الزّفرة فالزّفرة وترسل الدّمعة إثر الدّمعة مرتاعة ، مولّهة ، يتعهّدها الجنون بالسّقية وكأنّ الشيطان علق في فمها ، نافثا سمّه في جلدها ، عابثا ببقايا عقلها .
منظرها الحزين وهي تقلّب أوراق حلمها المتصاغر تحت وطأة صدمة لا تعرفها ... يباغتها الوجع من حيث لا تدري مغتالا عاطفتها ، داساّ سمّه في دمها المعذّب .. ترجو الخلاص من لعنة راقصتها في ليلة مزدحمة بالأقنعة ...وكأنّها تخطّ أول حرف في ورقة ، تنفخه في الهواء نفخة واحدة فيصبح فقاعة ، فراشة عرجاء فجّرها التفكير لحظة تحليق عابر لا يوصلها التّحليق إلى شيء... فتعيد بيأس ترتيب إخفاقاتها المتتالية علّ الكتابة تأتيها مرغمة لترفع عنها بعضا من الحرج ، وشيئا من الهوس بقلم يرفض أن يسلمها روحه في أوّل عثرة لها مع النّسيان ... 
جلست تنتف ريشها المجنون على طاولة فارغة وتتمتم سائلة هو لي ، ليس لي ، أنا له ، لست له ... وانتبهت فجأة لنفاذ ريشها المنزوع ، فتلقّفتها فوّهة الدّهشة وهمّ بها العزم لولا أن رأت برهان خطيئتها تحفّه الأوجاع من كلّ ناحية فخمدت جميع رغباتها المشتعلة الباردة واستسلمت مرارة الهزيمة في فمها ومضت في استحياء تطلب طفولتها ، تنعى أنوثتها ، فافتتن بها الفشل حتّى أخذ منها كلّ مأخذ و طفح بها الكأس واعتلاها اليأس ، وانشقّ الزّمن في فكرها وابتلع ما تبقّى من أيّامها ثمّ التأم ....

                            بقلم : خديجة إدريس

الأربعاء، 18 سبتمبر 2013

سمكة نيسان الصّغيرة..!



جلست تلاحق ذكراه على كرسيّ هزّاز.. تتوهّم أنهّا مازالت قصيدته المشتعلة.. ذات يوم افترقا عبر أثير موجات هاتفيّة.. ظلّت أذنها ملتصقة بالسّمّاعة لساعات تشحذ صوته.. لكنّه لم يأت.. إنّه الفاتح من نيسان أين يُشتهى اصطياد السّمك.. و هاهما سويّا قد أكلا الطّعم دون أن يكون السّمكة العالقة.. وحدها استمرّت تؤثّث من اجتياحه موجة تركبها، فتنكسر على الشّاطئ في ذلّ الحاجة مترهّلة وحيدة تنتظر نيسان القادم و تتجهّز لحوت كبير يبتلعها إرضاء ليأسها ..انقضى نيسان.. و انقضى حلم لقائه.. هذه المرّة لم يعد إليها كالسّابق ليطفئ محرقة شوقها و لو بصقيعه المعتاد.. ربّما قرّر تركها تنضج على مهل ليستوي غروره أكثر، و لتعلم أنّه كما في القرب حلو فهو في البعد أحلى و أجمل.. غادرها تاركا حروفها ترسم وجه الضّجر على أوراق الشّوق.. كانت تزجّ رغباتها في ثقوب غيابه لتمارس حرفة التّسوّل علنا.. و يحدث أن تمدّد جسد ذلّها منتحيا زاوية مهملة من ذاكرته، ككلاب جائعة أعياها الرّكض و النّباح في تنكّر آخر لعهر التّسوّل.. جميل هو ذاك الكرسيّ! يركض كثيرا ليبقيك ملتصقا بالوهم ثابتا على إطار قوسين وقودهما الذّكرى و الحنين.. من صمت حجرتها ينبعث صوت أمنية.. الحوت قادم ياسمكة نيسان الصّغيرة، فانتظري ..

                                 بقلم .. رقيّة شاوش 






الاثنين، 16 سبتمبر 2013

وتأجّل الحلم الصّغير


مسحت غبار الوقت الضّائع من نافذة أحلامها الصّغيرة... تنتظر موعد لقائها الأوّل بطاولتها الجديدة ... رفيقة دربها الأولى ... بعد والديها ومهد أخيها الصّغير ... فما أجمل أن تنتظر شيئا جميلا سيأتيك ولا يوجد في دفاترك الجديدة غير الانتظار علّها تكون أوّل خطوة نحو الانفصال عن رحم البيت ، ورائحة الدّمى ، وضجيج الحيّ ... تراها كيف ستكون البداية والعالم من حولها مليىء بالمفاجآت والخيبات التي لم تعتد عليها .... لم تجرّب بعد احتساء نخبها من خلف طاولات الزّيف والخداع ..... تماما كمرآة غرفتها الباردة التي لا تصحو الحقيقة إلاّ على يدي ابتساتها البريئة ... ومرّ الوقت بطيئا في أنفاسها متعمّدا ، متطاولا ... مباغتا طفولتها ... ليأتيها الوجع من حيث لا تدري ...فتغادر كلّ العصافير أعشاشها محمّلة بالأماني وتبقى هي خلف نافذتها منتظرة خلاصها في صوت يأتيها من أعلى برج سكنته الأحلام ... ليمسح دمعتها ويعجّل التحاقها بمدرستها لأوّل مرّة ... تأجّل الموعد ، وركنت الحقيبة في ظلمتها وانطوت الدّفاتر والأقلام المتعجّلة .... حتّى أتاها نورها من بعيد محمّلا برغباتها ...تهابه الأشياء المستعصية ... فما أجمل أن تبتلع دموعك وآهاتك وتبتسم ... حين ترى قرّة عينك تغمرها الفرحة .. وكأنّ شيئا ما تحرّك في كبدك يهزّك في العمق ، يصرخ في وجهك فاتحا كلّ النّوافذ البعيدة ، مستسلما لكلّ الشرفات السّاكنة .... مادّا جسر مودّتك لطفلة تأخّرت عن موعدها ... بخطوتين ...وتأجّل حلمها الصّغير بدقيقتين ...
خديجة ادريس

الأحد، 15 سبتمبر 2013

معاقل الوجــــــــع



ما أوجع الطّرق على رقبة أنفاسي وكأنّي أتعمّد في غيابك رشف اختناقي ... أقلّب في برّاد الأشياء المنسيّة عن جرعة صوتك علّني أستنشق ما تبقّى لي منك لأخلع ثيابي قطعة قطعة وأرمي بها بعيدا حيث الرّغبة صامتة ....ولا مكان في قلبي غير محطّة مغتصبة ... أربكها الهجر . فويحي من همز شياطيني حين أجفلت بضحكاتها عين مودّتي وأوقعتني المعصية من سما ء محبّته فالتحفت ورق الخطيئة أداري سوأة فعلتي ... جالسة على حافّة دمعتي يأكلني وجع النّدم الخانق ... مجنونة أبتلع فوضى سويعاتي التي مضت من دونك وكانّك ماغادرتني ، وما انتشرت لتوّها حمّى ابتعادك ... فنظرة واحدة كافية لإشعال فتيلي .... فأضرم في ثيابي مزيدا من قبلك علّني أكتفي بالحرق على يديك ... ماهمّني في رفضها تلك المسافات المجحفة في تقسيط مودّتك .... وكانّها تمنّ عليّ بشفتيك القريبتين حدّ الإغماء في تحليقهما الدّائم قربي كفراشتين أرتشفهما كشراب مخذّر لا طاقة لي على رفضه ، ومباغتة نداءاته المغرية ...وكأنّه أمل يطفئ ألما ضاقت به السّماء ...وهتاف يأتيني من خلف السّحب من خلف نافذتي الضيّقة حين يحتسيني السّكر ويعرّيني على حصير الجفاء .. فتبدو لي الأشياء من حولي وكأنها تشبهك ، ترتدي ملامحك ...أن اقترب أيّها البعيد المكابر .. اقتربي أيتها الأشيا ء التي تشبهه ...كفاني احتراقا وتعالى كما تتعالى الرّغبة الكامنة في جسد مشتاق أعيته الحكمة حتّى نفخته من تحت ثيابه ... وبعثته لي شهيّ الرائحة في صدوده واضعانه .... ألست مجنونتك التي استيقظت من تحت مجامر أنفاسك ... ألا أعدني دخّانك ... معصم أفكارك ... وساعة هروبك ... ألا أعدني حيث أنت معشوقتك التي قرعت معاقل طيبتك ورقصت طويلا بين أصابعك
                                           خديجة ادريس


مبرّرات .... حنين


                 


4_أقلّب تفاصيل شفتيك كدفتر صغير ، وأكتفي بسحب أنفاسهما قطرة قطرة .. لأفرغهما على مهل في فمي .فلتمطر عليّ السّماء بالقبل ولتدبر المسافات بوجهها الغضوب ، شيئا فشيئا تسارع النّبض في مقعده الخجول وعلى ركبتيك أرخى ما تبقّى من شوقه العجول ...أطفأت الضّوء وبقيت بنور ذكرك ومعي طيفك أفكّ أقفاله وأرتدي رداءه وكأنّي لا أبرّر للحنين صمتا ولا لقرع النّعال المحيطة بنا صوتا ... وكأنّي بها تستعجل لحظة افتراق وكأنّ تيارا ما دبّ في دمي ، صاح مستنكرا كلماتي. مستصرخا جبروت افتتاني ...ثمّة حرب ما تطحن عواطف مدسوسة خلف الجذار تنفرد حلقاتها في كفّي كما السّراب المحمول على أجنحة الرّيح ... أشرق وجهي ، أشرق قلبي ، بثوبه الشّفّاف ولا حقيقة سوى إحساسي بأنّي أركب موجك كأرجوحة تروح بي وتجيئ..
 مفتونة به ، مأخوذة بتفاصيل دفتره سأكون صديقة ابتسامته ، ورفيقة ذاكرته ... تقوقعت في فمه ... واستوطنت جميع حواسه ...أحجب صدره بعيدا بعيدا حتّى تنسحب السلحفاة إلى صدفتها وتكفّ زحفها البطيء نحوه وكأنّها على حافة قربه تمتهن حبّه بذراع واحدة ... انتهيت إليه متسلّلة سارقة محتالة متجبّرة لا أرضى لغيري متّكأ أحيي في صدره صبرا وأميت ....لا أقوى بعده ، أتغذّى من رائحة جسمه ، مستسلمة لنغمه  ... متناسية صخبا ما أقلق سرير أفكاري لحظة تحرّر فيها الحرف واستقرّ في دائرة فمه ، مكثت غير بعيد أشاكسه ...أنوي العودة إلى دفتره .. فما أشهى قربه وعزوفه ..

                                   خديجة ادريس



الاثنين، 26 أغسطس 2013

إنــــــّي .... مرهقة


مرهقة أشتهي كتفك وبعضا من صوتك ... أبصرك بعيدا من خلف طاولة اشتياقي ... فأبعثك أحرفا تبادلني وجعي .. تتغذّى بها روحي حين يباغتني الشّوق ويأتيني بك مصنوعا من خيطان الجوع والعطش واللّهفة ... أشتهيني قلمك الذي به تكتب ... منديلك الورقي ، ساعة يدك الملتصقة بمعصمك وكأنّها أنثاك الوحيدة التي تنفرد بك ... تغتال دقائق انتظاري .... أشتهيني ربطة عنقك لتحضني أنفاسك لعلّ المسافات العابثة بي تكفّ عن مشاكساتها قليلا وتمنحني بعضا منك في صورة أتباها بها أمام الجميع .... وكأنّي أمنح نفسي عذر الجنون ، وقبح الظّنون ... وحجّة غياب .... إذ أنّي لا أكتب إلاّ عنه وكأنّ الكلمات صارت هو تمنحني نفسها عند أوّل منازلة من غير مقاومة 

                                          خديجة ادريس

الأحد، 25 أغسطس 2013

فتى اللّحظة



 أهداني روحه ، وقلبه ، ودمه ، لم يدّخر شيئا للقدر ، مكابر في صمته في حرفه لا يحمل زادا غير عواطفه المسكونة بي ، وكأنّه فتى اللّحظة في مراوغته للحزن ومباغتته للوجع مطلقا رصاص الرّحمة ، كنت زناده لحظة اشتعلت بالأمنيات متناسية وقود دموعه ، وعلى محيط شفتيه ترقد أفكاره وتستيقظ وكأني صرت ...فاكهته الحلوة التي تقول لفمه كلني ، فكنت خلاصه الوحيد و خطيئته التي تعبر روحه ، تعتلي رشده .وفي عينيه بكاء لا يذبله الدّمع يبقى حبيس العصيان...حين التقى الوجع بالوجع أهداني مودّته في صحوة لا ضجيج بعدها ، ولا صوت للكلمات غير نداءات قلب يبايع نصرا أطبقت عليه غيوم السّماء فما كان لي منه غير الرّجاء أشدّ به عضدي في وقت يصبح الكلام فيه متقطّعا كأنما هو يختنق، يستجدي الغرق الرّحيم ... وكأنّ فؤادي في ليلة بعد حطّمته دمعة ، عبثا أواصل اشتهاءه في خلوتي ولا أكاد أحكم عقاله... يمزّقني الوجد في صمت وتظلّ أحرفه تغمغم في استعلاء مطبق ... تشركني وحدتها لحظة افتراق عابر ... ولا ضجيج غير أنفاسي تأتيه في غفوة على هيئة قدر محتّم ...تمزّقه الأيام ... تحوّله إلى قصاصات تشي بي كلّما التقت عيني بعينيه لتمدّني بمزيد من الهواء
خديجة ادريس

الاثنين، 19 أغسطس 2013

حالة استثناء





أنا بخير، النّار مرتعي و عُدّتي بكاء
أنا بخير، فلتشهد احتراقي و لتبارك انتهائي
أنا بخير، و قبل أن أزول أبلّغك استيائي
و أهديك قطعةً حمراءَ بلون قُبَلْ
و فسيفساء عشقٍ تخلط الأشواق بالعضلْ
أتُوق إليْك حبًّا، و تتُوق للاختفاء
و أمضي في حزن فراقٍ طويل المدى، ضعيف الأمل، ثقيل الأعباء
لكنْ، أنا بخير
أنا بخير، و حسرتي تعتلي حزني و صدودك لي يقطع رجائي
أنا بخير، و سماتك ترغمني شغفًا و إجلالاً لتحيّة استثناء
أستأذِنك سيّدي لرفع قبّعتي قليلاً أودُّ الانحناء
***
و بعد الانحناء و بعد التّأكيد على حالة استثناء
سأواصل السّير، فأنا دومًا بخير
أنا بخير، الوعد قد ضاع سُدى و الهجر باقٍ أبدا
احرقوا جثّتي أو اصلبوها لا ضيْر
فأنا بكلّ الأحوال بخير
أَوَ تدري ..!  بعد رحيلك خَبَت الأضواء
 و تساوت عندي أشياءُ كثيرة بأشياء
فكيف أكون بخير!
لا بل أنا بخير، و الوضع يقتضي أن أكون بخير
لكنّني صراحةً أقولها..
إنّني في حالةِ إغماء.
 
 
بقلم .. رقيّة شاوش