الخميس، 27 أغسطس 2015

أنثى ... استثنائيّة

صورة ‏نسيان النسيان‏.


متى يهدينا الحزن لذّة الفراق ويجمعنا أشتاتا ويحملنا على ظهره إلى الطرف الآخر حيث السّعادة مجروحة . مقتنعة جدا أنّي بوجودك كنت أنثى استثنائية أوقعها القدر في فمك ، وأبكتها عين الغيرة التي تكتبك . كنت معك حبيبة بلا قيد أهديتك بكائي ، وشيئا منّي لا يشبه النّساء ، أهديتك حزني عقدة عقدة حتّى أصبح جرحا غرق في داخلك حدّ الموت جلست لأكتب لك .، فضعت فيك وبين تفاصيلك ، وما عرفت طريق العودة الى أصابعي .... فالكتابة عن الحبّ ضياع ، مشاعر تبحث عن هويّة وكل أوقاتي في حضور طيفك بدايات تخلعني منّي وتصبّ في شريانك ، في صلابة حبّك العنيف الذي يوصلني إليك من غير تعب. فأنا اخترت أن أكتبك أكثر ، لأخنقك أكثر ، لأحاصرك أكثر . فعار على كلّ أنثى أن تترك حلـــــبة حروفها لأنثى تبيع قلبها ، وتوزّع خياناتها على الجميع وكانّ القناع صار وجهها ، فكيف النّسيان لـرجُل ينبت داخلي كـالعُشب. كبندقيّة تصوّب باحتراف ، وتقتل من دون ألم ، فقد ذبحني الصوت الذى لا يغيب عن أذني وبعد كلّ هذا الخراب تبتسمين في ظهر الطّهر الذي توّجك أميرة على خيباتي . وكثيرا ما استجديت حنجرتي أن تصمت ، أن تختال هذا الضّعيف الذي يسكنني ، أن تتجاهل هذا المساء الممتدّ في قلبي باسطا ذراعه السّوداء ليحجب عنّي رؤية الصّباح ، ولكنّي يا صغيرة القدر لازلت سبب سعادته ، لا زلت أسرقه منه ، لا زلت أقنعك بنا ، ومع كلّ أسف لاتزالين تلوين ذراع قلبي .. فقسماً بالسّابقاتِ إنْ وُجدن وأنت أوّلهنّ ، واللّاحِقاتِ إن كُنّ ، والعابرات إن فكّرن فيك ، والتّائهات وحتّى العابدات منهُنّ، لأجمعنّ حطب غضبي ، ولأُلقيهنّ في نـــــــــار قلقي حتّى يذوب عظم رغبتهنّ فيك ، فالحاضرات يعلمن الغائبات ليستقيم بذلك عدل أنوثتي. 
                                  بقلم : خديجة إدريس

القطار ... الموعود

صورة ‏نسيان النسيان‏.

  حين تقول لقلقك أسكت تتوقّف جميع حواسك .. وتتحرّك لغة واحدة بداخلك هي الخوف على من تحبّهم حين يبتعدون .. ويكتسبون صفة الغياب المفتوح فلا تجد سوى قلقك عليهم خير صديق لانتظارك ، ومسكنا فعّالا لغيابهم الذي يوجع كيانك ويأكلك في صمت دون أن يحدث جلبة في أطرافك وغابة ذاكرتك المليئة بأشجارهم التي تنمو في داخلك . فاللعنة على ذاك القطار الورقي الذي شكّلته من غير سكّة لأصل إلى محطّة أنفاسك . حبّك مرض معد يصيب عصب أفكاري ويفقدني القدرة على استرجاعي ، لأننا في موسم الحصاد لا يمكننا أن نزرع آمالا جديدة وإلاّ كيف ستنمو حقول الشّوق في غيابك ،لكلّ السّنابل اليابسة التي حرّكتها ، لكلّ العواصف الصّغيرة لحظة مرور الفصل الأخير منّي من غير مطر أهدي خيبتي ، وساعة القتل . فأنا حين أشتاقك أدهس ما يعترضني وأرسم في كفّي شواطئك بأزقّتها وأعمدة كهربائها ، وحتّى زوارقها الفّارة من الغضب واليأس . كي أمدّك بتيار الحبّ وأنتشلك منك فيغرق المكان بالماء ، ويتكسّر جسدي بالهواء ، ويذوب ذاك القطار المشاغب بين السّحب فتمطرني الحياة بك و ترتعشُ الأكواب و النوافذ وأصير نورسا ، زجاجة من ضباب فأغسل نفسي بالغبار والعرق فقد أتعبني المشي على قلبي .... فالنّادرون في حياتنا كالمطر، كريح باردة تلفحنا بعنف .. يصنعون أقدارنا بحجم الأبد . فصغيرة جدا هي عواطفي عليك ، صغيرة جدا على رجل مثلك أصبح العمر في حضرته لحظة واحدة أطفو فوقها كما الزّبد ، كما تذوب القهوة في قاع الفنجان ، كما يخترق القطار المتعجّل أذني فأصير بلا حواس وأنا بدونك لا أحد.
                                   بقلم : خديجة إدريس

أوّل انفجار

صورة ‏نسيان النسيان‏.




  صعب أن تبدأ طريقك دون انفجار تحدثه على صفحات روحك اليومية .. وتفني عمرك وما تبقّى من دقائق اهتماماتك لتصل إليه . وتبقى أجمل الأشياء التي تحدث ، ما يمضي فينا ولا يمضي عنّا، ما يستقرّ في قاع وعينا ولا يطفو بنا ، ما يدثّر برد لهفتنا وصقيعنا . ما يتجمّد في ذواتنا وما يذيبنا . صعب أن يأكلنا حزن ما في ركن مجهول لا يعلم بوجوده أحد . بعيدا عن ضجيج الحياة والبقاء ، وعلى ضفاف أعماقنا ننجب الحبّ ونربّيه ، نطعمه أعضاءنا وكلّ ما نملك . صعب أن تبدأ خطوتك الأولى بانفجار كهذا وأنت ترقب ما خلّفته وراءك بابتسامة مثخنة بالدّموع ، يا مدفئة الوحدة ابقي باردة ولا تلفحي جلدي المتعثّر بالشظايا والألوان فمذ قرّرت أن أنفجر به انفجرت قبل قراري وأسكنته نتوءات ضعفي . يا أنت يا من حضورك أثمن من الذّهب هبني ضمّتك وسكونك وحروف حرّك ، فأنا أريد أن أقتلني فيك ، أريدك انهياري وجميع زلاّت الأنثى الغائبة . كن أوّل انفجار على قيد ناصيتي ودعني أعوم في اليابسة وحدي ، دعني أتشقّق في جذار صمتك المتهالك ، بقربك أضجّ بالفصول ولي تمنّ أن أكون في طالعك نجمة زائدة ، وبكامل إرادتي قد اخترت العين التي تقتلني ، والشّوق الذي لم أعد قادرة على حشوه خارجا وداخل قوّتي . يا من تقيم في الجهة الأخرى من يساري حدّثني كيف يقتل الوجع فريسته في سكّينه ، ويغمسها في مآخذ صمته ثمّ يهدمها على كتفيه كمدينة لا تحتوي على كلمات . فقط نظرات دامعة وتفاصيل تمكث كثيرا بالذّاكرة ولا تنصرف كجرّة ثقيلة لا يهزّها الوداع .
                بقلم : خديجة إدريس
15/06/2012
                         


واجهات ... الخيبة



واجهات الخيبة تستوقفنا كثيرا ، ونادرا ما تتركنا نمرّ دون تذاكر مدفوعة الثّمن لأشياء لا نرغب فيها ...ومع هذا تسقط في أقدارنا ونقتنيها عن مضض ودون اقتناع . فالحياة لا تحتاج إلى قناعات وإنّما إلى قرارات ذكيّة نتّخذها في الوقت المناسب قبل أن نضيع في لحظة القرار . فوراء كلّ خيبة .... هيبة نصنعها بعد سقوط طويل لعواطفنا أو محاولة فاشلة في انعاش الوقت الذي يموت بداخلنا على طاولة احصاء منسوب الأحلام والأمنيات المشرّدة في شوارع عقولنا المظلمة ، وأطفال الخيبة الذين نربّيهم بالفطرة . وبين الإستمرار أو الفرار ، بين العودة أوالهروب نجد نا صدفة في ضياعنا ، و حقيقة في وهمنا ، و أحلاما في يقيننا هكذا هي انفجاراتنا الداخليّة حين تصبح شجرة لا يسمع صوتها ولكن يزهر ثمرها بنكهة العمر و خضرة الوقت ، كحمامة في الحلم تنقر أقدارنا . وتأكل حبّ الحزن المتراكم فينا لنكتشف كم نحن بحاجة إلينا إلى ذاك الطّفل الصغير الذي لا همّ له سوى اللّعب ، بحاجة نحن أن نعود صغارا بوجه لم يعد ذاك الذي ألفناه وملّنا . مهمّتك التي لم تبدأ بعد أو التي انتهت ربما ولم تعد تعرف البداية من النهاية أو لعلّك اخترت أبسط الحلول وقرّرت أن تتوسّط الأشياء وتقيم في اللاقرار فلا أنت متقدّم لتسقط في فنجان قناعاتك ولا أنت متأخّر عنه لتنزل عن جميع رغابتك التي لا تسدّ جوع فراشات قلبك ، ونخيل ذكرياتك ، وبحيرة أسرارك . لأنّك ببساطة لا تريد أن تبكي مرّة أخرى على طريقة الأطفال لتحصل على ما تريده ممن تحبّ .. اجعل الحبّ قدرك والحبر ماءك ، و الأمل طعامك الوحيد ستجد بأنّ هشاشة صبرك ستقوى أكثر فمتى ستدرك أنّ الأشياء الصّغيرة هي انفجاراتك الكبيرة التي تحدثها في عقول الآخرين وتمضي بسلام فيهم فدع عدوى الفرح تنتقل حتّى تصبح القلوب نوافذ مشرّعة ،وغابة مليئة بالأمنيات يقصدها الجميع حين يحدث العطب .
مبلّل هو طريقنا بالمطر ، مبلّل بالهواء ، تزيّننا نافورة ماء صغيرة بنيناها عن تعب من بعض صراخنا وموتنا ، تعثّرنا ودموعنا هي باختصار شديد تاريخنا الذي صنعناه وحطّمنا لأجله آلهة الخوف وأصنام الفشل ، ومضينا في البحث عن إلاهنا الحقيقي ، وعن قطار عمرنا السّريع الذي نطارد من نوافذه طيور الحبّ حين نعود اطفالا فقط سنمارس جنوننا عن رضى ، ماذا بوسعنا أن نفعل سوى الدّهشة سوى الإستمرار في اللاستمرار .
                                                      بقلم : خديجة إدريس

24/06/2012

 



لأنّك أكبر من أي لغة

صورة ‏نسيان النسيان‏.

 لم أعد أؤمن بسحر الكلمة كثيرا ، فضجيج مرورها في جنبات الصّمت يكسر معاني الشّوق . ولا يزيد روحي سوى النّزف وفي هذا الظّلام الكثيف الذي أحسّه في مسامات ذاكرتي التي تجعلني غير قادرة على الكتابة من دون ملح ، ذاك الرّبيع المتأخّر في قدومه دائما ، ذاك القاتل المحترف في تشريح الصّمت ، ذاك الذي يهزمني أكثر بحديثه بحمرة جليده ، ومساحيق ثلجه التي تزاحم الأمكنة الفارغة من البوح . أنتعل الوقت الذي يداهمني في كلّ مرّة ليدهس عجلة اللّهفة التي تسير بي إليّ ، ويطفئ كبريت صوتك في فمي و يشعل قدر الكلمات في مداد أنفاسك لأتبخّر في سواد غيابك . أعجز حقّا عن الكتابة وكلّما حاولت امتطاء ظهرها أسقطتني عنوة وهشّمت رهبة الموت في تجاعيد نجمك البعيد ، وقلّما أجد لنفسي زقاقا حبريا يؤذّي بي إليك ، إلى ذكرياتك العالقة . أواصل المشي فيك بشغف وكأنّي أمشي على صوتي وعطشي وبقايا من خلّفت . أمشي كخريف موعود بالمطر ريثما أجد في نفسي بابا لا صوت له يشعرني بالحاجة إلى أن أكون وحيدة كغيمة . أبحر في فضاءاتها الفارغة و يحرّكني من فوق طائرها الورقي وأنت . أختنق في عنق الغياب فأكاد أغرق ولا أغرق ، وكأنّ ما يجمعني بك تشتّته. تنبش وجهه الجاف وتفجّر قنابل الوعي التي تسكنني فلربما حينها فقط أتبعثر ، أتّخذ لنفسي عذر الجنون بانفجاري الذي يتابع حياته بداخلك ... فواصل بمراياك المكسورة إخافتي وأجبرني أكثر في التّحديق بشظاياها لأكتشف عاهتي بك وأحصي جميع الثّقوب التي أحدثها نيزك بعضك في مداري ، وأوقن بصدق أنّي أحمل أكثر من إصبع في روحي لأكتبك ولا أستطيع ذلك ، لأنقذك منّ قصائدي الميّتة وأحرّرك من قدري المنكوب . ساق في روحي وأخرى في ضياعك ومع ذلك أستمرّ في الرّؤية ، في قصّ العطر من ثيابك أستمرّ في عجن أرغفة الإنتظار من دونك ، وطهيّ كلّ التوقّعات التي لا تجلب لي سوى الخيبة وهدر للوقت ومزيد من النّحس .دعني يا أنت ، يا بعض ما يلقيه الضّوء في ظلامي ، يا مدينتي في الحقول ، ويا عصافير حذفي ، يا منفاي الأنيق دعني أحتفي وحدي باسترجاع كرامة الحبّ وصمت البوح ، واحتراق الأمكنة بحطب الكلمات الطاعنة في السنّ ، بشيخوخة مبكّرة لأبجديّة أكل الإنتظار منسأتها ، ومع ذلك لا تزال مصرّة على الحياة بمساحيق الأمل . أيقنت سيّدي أنّك أكبر من عمري ومن لغتي ، وأطول من قلمي لذلك تأنّى تأنّى بقربك منّي كي لا أذوب دفعة واحدة في شمسك .
                               بقلم : خديجة إدريس
03/08/2012

الأربعاء، 26 مارس 2014

حطب الشّوق



أرفع قلبي قبل قلمي ، وأفرش روحي بدلا من أوراقي ، وأحتسي مداد بعدك على مضض لأشكّل به ملامحك الجميلة وأعتليها نبضة نبضة علّك تحسّ بثرثرة مشاعري التي لا تعرف كيف تصمت في حضورك . فأمنّي النّفس بالرّجاء علّك تطرق باب دهشتي يوما وتلقي عليّ تحيّة المحبّة المفاجئة كمطر الصّيف لتطفئ حطب الشّوق قليلا ... عجبا للكلمات التي ترفض بشدّة أن تحوّلك إلى حرف على ورق وكأنّك لا تغرق بالحبر ولا بعناد الأنثى الشّرسة حين يطال الخطر مخدعها ... تمشي على جلدة أحلامي كطاوس تتبختر وكأنّه مبتلّ بالألوان ولا تلتفت أبدا إلى يدي الملوّحة ولا إلى لافتة قلبي الموجوع في محطّة مهجورة سكنها الفراغ .... قرّرت اليوم وأنا في كامل جنوني أن أعترف لك بالحرف عن مشاعري فما تراك فاعل لو اعترفت جميع كلماتي وحضرت قواميس عشقي التي لا تهتف باسم غير اسمك الذي يفقدني توازني فرفقا بقلب الذي جرّ ني إليك جرّا لأعترف أنّي أحبك بحجم السّماء بحجم الأرض وما حملت ... بحجم حضورك بداخلي وكأنّك تتعمّد الجلوس على قلبي كلّ ليلة كمدفئة هادئة ، وتستقرّ على رأسي طيور الشّوق ورائحة القرب المنبعثة من الحطب ، وكأن جلدة الانتظار باتت تحترق لتشمّ على بعد أميال رائحة الاشتياق الرّهيبة
لا تسألوني كيف جعلت منه مدفئة ونارا وحطبا ، لا تسألوني كيف تسجد له روحي كلّ ليلة لتقدّم قلبي قربانا لمحبّته لأستحضر روحه الهائمة بعيدا وأدعوه بوجه مبتسم ليتناولني على طبق مسائي أوجدته الأقدار فليجلس طويلا على كرسيّ مليئ بانفاسي وليستشعر طعم الانوثة في أطباقي فما تعلّمت يوما طبخة غير قلبي لأقدمها له مع كامل امتناني
جرّبت النوم على صدرك فما وجدت أفتك منه لقلبي المرهف ، ومنذ وضعت رأسي على كتفيك وضعني النّسيان جانبا لأظلّ متعلّقة برائحة أنفاسك مادام لي نفس .... لو كنت أعرف أن صدرك يثرثر بهذا الشّكل الملفت ما وضعت جبيني وما أتبعت في هذا الغرق جسمي ... وذاكرتي وحتّى يقيني
خديجة ادريس

غيابك أوجع من الحنين




عالقة هي روحها بي إلى درجة تعثّري الدائم بطيفها ، يسألونني مابالك تحدّث نفسك ماشيا فقلت ألا اعذروا عاشقا اكتحل المساء بعبيرها .... ترمقني من بعيد أشواقها وتسبقني إليها باقة وجداني برحيقها ، فتترنّح بين أوراقي مبتسمة وتشغل قلمي عنّي وتطرد الكلمات من فكري عنوة وتتهمني بالصّمت في حضرة عرينها ... ألا يكفيني عقم الكلام سيّدتي فتزيدين أنت بحضورك لوعتي بكثرة حريقها
إليك وحدك هذا الصّمت
خديجة ادريس