يسعدني ان تموت آهاتك ، وأن أكون أوّل شاهد
على موتها ... فكثيرا ما سافرت إليك عصافيري بأعشاشها ، باحثة عنك ، محتمية بك ،
ملتصقة فيك ... كي تنقل إلي أخبارك ... نبرات صوتك المتوجّعة . وانا ... أنا
المهزومة كنت يومها ، أجلس على كومة انتظاري ، أبثّ إليك من بعيد أرقام دموعي
المتقطّعة ... أريد ان أقتل نفسي فرحا ، فما اجمل القتل السّعيد على يدي عصافيري
التي ستحملك إلي كطفل صار يطالبني بمحبّته المؤجّلة .
من قبل قبل ما مضى ... قد
مضى الحزن في موكبه ، آسرا في جبروته ، مارّا على حواف تفاصيلنا الغارقة بأوراقه
المبجّلة ... مقصّ موته سنحمله معا، ونقطع شريط حياته بابتسماتين ترحّما على ذكرى
موت ألمين ، وجعين ، شوكتين.
لحظة فقط ... أرتّب دقائق
وجعي الذي مضى ، وأمسح من وجهي تفاصيله المعلّقة ... فقد مضى زمن الوجع ، وأقبل
موسم البجع ، لترتع في بحيرته ابتساماتنا المقبلة من بعيد لتحضر هذا الموكب ،
وتشهد نهاية دموعنا المعتّقة ... لحظة فقط أستجمع ملامحي الجديدة لأستقبلك عند
محطّة من ماء ، تحملك أمواجه لتضيع في حضورك شجاعتي في استقبالك ... لحظة فقط
أتفقّد عصافيري التي تسكنني كي أعطي لها إشارة البدأ لتنشد لك من قفص صدري أغانيها
المشوّقة .
يسعدني أن أحمل حقائب
سفرك الجديدة ... واحضنها كما لم أفعل من قبل ، فقلّما تشهد لحظات جنون مثل هذه التي امرّ بها ، والتي سأمرّ بها .... لحظة فقط ألتقط أنفاس
بهجتي ، فالفرحة تخنقني وصدري يعجّ بالعصافير المغرّدة ... أخاف ان يتوقّف نبضي
فرحا ، فضحايا الفرحة يملؤون كتب التاريخ والاخبار الموثّققة ... فلنعلن نهاية
الموكب ، ونلقي نظرة أخيرة على ما مضى ، فضريح الألم ينتظر ، وانا أريد نهاية بطعم
السكّر... لحظة فقط هذه آخر لحظة أطلبها . أريد أن اكتب شيئا على الضّريح ، وقلّما
يدفن الألم بشيئ صريح " لو لم يكن العمر واحدا ، كنت خلقت لك اعمارا كي تموت
مع كلّ عمر أخلقها لك ، وتفنى مع كلّ صرخة أبعثها فيك ... فوداعا ... وداعا أيّها
الالم " .
بقلم خديجة ادريس
في 22 / 07 / 2012 على الساعة 20 : 10